ابتلاء تأخر الإنجاب.. احذروا "الدجل"
يبدأ أي زواج بأحلام كثيرة في الفوز بالسعادة الدنيوية، وإكمال نصف الدين، من خلال حسن رعاية الزوج لزوجته، وسعي الزوجة لإرضاء زوجها، وتفانيهما في تنشئة أطفالهم، ليربحوا المكاسب الدينية والدنيوية أيضا.
ويتعرض بعض الأزواج لاختبار تأخر الإنجاب، ومع الأسف لا توفق نسبة كبيرة منهم في هذا الاختبار، ويخسر بعضهم دنياه، والبعض الآخر يفقد جزءًا (غاليا) من دينه، ونسبة لا بأس بها تخسر الاثنين معاً.
فمن أهم أخطاء التفكير التي يقع فيها بعض من يتألمون لتأخرهم في الإنجاب، التعامل مع هذا التأخر على أنه عقاب من الله عز وجل، أو دليلاً على عدم رضائه سبحانه وتعالى عنهم. ولا شك أن هذا منفذ من منافذ إبليس اللعين، يتسلل به إلى هؤلاء، ليفسد عليهم دينهم ودنياهم، ويحرمهم من فرص الفوز بأجر الصابرين على الابتلاء، فضلاً عن السعي للأخذ بالأسباب.
قال ابن رجب- رحمه الله-: (واعلم أن تحقيق التوكل لا ينافي السعي في الأسباب التي قدّر الله سبحانه المقدورات بها، وجرت سنته في خلقه بذلك، فإن الله تعالى أمر بتعاطي الأسباب مع أمره بالتوكل، فالسعي في الأسباب بالجوارح طاعة له، والتوكل بالقلب إيمان به، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ} [النساء:71]، وقال: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْل} [الأنفال:60]، وقال: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة:10].
ولا يتمكن -بالطبع- من يشعر بسخط الله عليه أو عقابه له من الأخذ بالأسباب؛ لأن الشيطان يجعله ييأس من فعل أي شيء، ويدفعه قوله تعالى في الدستور الخالد: {وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ}.
وعلى الوجه المقابل، نجد البعض يلجأ إلى الاستسلام للأمر الواقع، ويرفض التداوي ليس ليأسه، وإنما لخوفه من الإحباطات المتتالية، ويلبس ذلك ثوباً مزيفاً من ادِّعاء الإيمان، فيخدع نفسه بإيعاز من النفس المهلكة، وتضامن مع الشيطان الرجيم، فيقول لنفسه: الله يعلم كل شيء، لا داعي لطلب العلاج، سأكتفي بالدعاء والتوسل للرحمن.
ولا شك أن الدعاء هو مخ العبادة، وأن العزيز الحكيم قادر على أن يشفي المريض دون دواء، ولكن التأدب مع الرحمن يوجب علينا أن نأخذ بوصية رسوله الحبيب - عليه صلوات الله وسلامه- وهو التداوي، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي r قال: (ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء) رواه البخاري، وفي رواية (من داء).. وعن جابر رضي الله عنه عن النبي r قال: (لكل داء دواء فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله تعالى) رواه مسلم.